أهم الاكتشافات الجغرافية في العصر الحديث
المقدمة
العالم الّذي كان معروفاً في العصور القديمة، كان يتكوَّن فقط من ثلاث قارَّات رئيسيَّة وهي: القارَّة الأوروبيَّة، والقارَّة الآسيويَّة، والقارَّة الأفريقيَّة، فلم تكن القارَّات الأخرى معروفةً في تلك الأوقات. ولكن ومع التقدُّم الزمنيِّ، وزيادة الاهتمام بالبحث والاستكشاف، خرجت العديد من الرحلات الاستكشافيَّة الجغرافيَّة من القارَّة الأوروبيَّة؛ فقد كان خروج هذه الرحلات لعددٍ من الأهداف منها: البحث عن الطرق التجاريَّة الجديدة التي توصلها إلى نقاطٍ معيَّنة من العالم وخاصَّةً المناطق الآسيويَّة، وذلك من أجل تبادل السِّلع بين الطرفين. الدافع الثاني وراء التَّشجيع الحكوميِّ لهذه الرحلات هو البحث عن المعادن الثمينة والنفيسة التي تُمثِّل ثروةً حقيقيَّةً لكلِّ من يمتلكها ويضع يده عليها، ومن الدوافع الأخرى أيضاً البحث عن المستعمرات المختلفة التي من شأنها أن توسِّع مناطق نفوذ هذه الدول؛ فالأطماع الاستعماريَّة عند الشعوب الأوروبيَّة ليس لها حدود.
الاكتشافات الجغرافيّة
الاكتشافات الجغرافيّة تعني سعي الإنسان للوصول لأماكن جغرافيّة مجهولة لأسباب عديدة، سأورد تلك الأسباب لاحقاً، و تُعتبر الاكتشافات الجغرافيّة التي تمّت في العصور الوسطى، من أهمّ الاكتشافات في العالم الجديد، وكانت تلك الاكتشافات ناتجة عن عدّة عوامل، هي :
عوامل سياسيّة:
ظهور دول قوميّة في أوروبا، ومحاولة تلك الدول الإستيلاء على أراضٍ جديدة، للسيطرةِ عليها واستعمارها.
محاولة تلك الدول المستحدثة إضعاف القوّةِ الإسلاميّة والعالم الإسلامي، والعمل على القضاء عليه للإستيلاء على تجارة الشرق من أيدي تجار المسلمين.
عوامل اقتصاديّة:
حاجة تلك البلاد لأهم البضائع في الشرق كـ ( العاج، السكر، التوابل، المعادن، البهارات )، والتي كان يحتكرها المسلمين.
حاجتهم للوصول إلى دول آسيا بطرقٍ مباشرة.
محاولة تلك الدول للتخلص من دفع الضرائب والرسوم، والتي كانت تدفع للعرب المسلمين.
رفض أوروبا للسيطرة العثمانيّة على طرق التجارة المارة بالجنوب الشرقي من أوروبا و آسيا الصغرى.
عامل دينيّ:
أرادت الكنيسة الكاثوليكيّة بسط نفوذها على البلاد المكتشفة، ونشر الدين المسيحيّ فيها لزيادة أتباعها، حيث قامت بإرسال الرهبان والقساوسة مع الحملات الإستكشافيّة.
المعلومات المتوفرة لدى الأوروبيّين:
حيث قام الأوربيّون بأخذ الإسطرلاب والبوصلة عن المسلمين، وتعلّموا عمل الرسوم البيانيّة والخرائط بعد معرفتهم لكرويّة الأرض، فقاموا بتطوير السفن حيث جهّزت بثلاث صواري لتمكينها من الإبحار بعكس الريح، حتّى تتمكّن من الوصول لمسافاتٍ بعيدة بسرعةٍ مناسبة قدر الإمكان.
البرتغال والاكتشافات الجغرافيّة
لعبت البرتغال دوراً كبيراً في تلك الاكتشافت، حيث بدأت رحلتها في أوائل القرن الرابع عشر، واستمرّت تلك الاكتشافت حتّى نهاية القرن الخامس عشر للميلاد، حيث تمكّنوا من الوصول للهند عبر طريقٍ بحريّ دون المرور بالعالم الإسلاميّ، و قام الأمير هنري الملاح بعدّة رحلات استكشافيّة، وعمل على تأسيس أوّل مدرسة للملاحة في أوروبا، وأدّى هذا الأمر إلى اكتشاف العديد من الجزر، حتّى وصلوا إلى مصب نهر السنغال، ومروا بـ ( غانا )، وأخذوا معهم العديد من أهلها للمتاجرة بهم كعبيد.
قاموا أيضا باكتشاف الطرف الجنوبيّ الشرقي للساحل الإفريقيّ، حتّى تمكّنوا من الوصول للقارة الهنديّة والسيطرة على التجارة فيها وعلى عموم التجارة في المحيط الهنديّ، وقاموا بإنشاء قواعد عسكريّةً على السواحل العربيّة، وجنوب شرق آسيا، ووصلوا إلى البرازيل وفرضوا سيطرتهم على محاصيلها.
الإسبان والاكتشافات الجغرافيّة
جاء الإسبان بعدها وحاولوا اكتشاف طرقٍ جديدة للهند والصين، وقام الرحالة الشهيركريستوفر كولومبوس الخروج مستكشفاً تلك الطريق، ولكنه عوض عن هذا قام بالوصول إلى أهمّ اكتشاف في العالم الجديد أميركا، ولكنه كان قد توفي قبل أن يعلم هذا الأمر حيث كان يظن بأنّه قد نزل إلى الشواطيء الهنديّة، لكن الرحالة الإيطاليّ أمريكو فيسبوتشي قام بتتبّع خطّ سير رحلة كولومبوس حيث أعلن بعدها بأنّ كولومبوس قد اكتشف عالماً جديداً، وقام بتسميته أميركا.
بدأ ماجلان برحلته الإستكشافيّة بالسير غرباً حيث وصل إلى الفلبين، وأثبت ماجلان من خلال رحلته الطويلة والتي استمرت لمدّة ثلاثة أعوام، كرويّة الأرض بشكل لا شك فيه.
بعد اكتشاف الإسبان لمركز العالم الجديد أميركا سيطروا عليه لقرونٍ عدّة، وقاموا بالقضاء على العديد من قبائل تلك المنطقة كالإنكا والأزتك، وازدهرت في عصرهم تجارة العبيد التي بدأ بها البرتغاليّون
أهمّ الاكتشافات الجغرافيّة في العصر الحديث
خرجت العديد من الحملات الاستكشافيَّة من مناطق مختلفة ومتنوِّعة من القارَّة الأوروبيَّة، وتحديداً من البرتغال، وإنجلترا، وإسبانيا، وفرنسا؛ حيث استطاعت هذه الحملات الاستكشافيَّة الوصول إلى العديد من المناطق الجديدة واكتشافها، ولعلَّ أبرز هذه الاستكشفات الجغرافيَّة الجديدة ما يلي:
- اكتشاف فاسكو دي جاما و ابن ماجد لرأس الرجاء الصالح.
- اكتشاف فيسبوتشي للبرازيل.
- اكتشاف كريستوفر كولومبوس لجزر البهاما الواقعة في البحر الكاريبيِّ، بالإضافة إلى اكتشافهم لكلٍّ من هايتي وكوبا.
- استطاع البحَّارة ماجلَّان الوصول إلى المحيط الهادئ من خلال اجتيازه وعبوره الجهة الجنوبيَّة من القارَّة الأمريكيَّة الجنوبيَّة؛ حيث - --- - استطاع هذا المستكشف الوصول إلى الفلبين.
- اكتشاف جون كابوت لأستراليا. أنشأ الإنجليز شركة الهند الشرقيَّة الإنجليزيَّة من أجل السيطرة على كافة مناطق الهند.
- استطاع الفرنسيُّون تأسيس مدينتيّ مونتريال وكويبك في كندا في الأمريكيَّة الشماليَّة.
اختلف العالم بعد قيام كولومبوس برحلته حوله؛ حيث تمَّت إضافة مواقع قاريَّةٍ جديدةٍ إلى الخارطة العالمية، وهذه المواقع متمثِّلة بكلٍّ من القارَّتين الأمريكيَّة الشماليَّة والأمريكيَّة الجنوبيَّة. أمَّا قارَّة أوقيانوسيا التي اكتشفتها الرحلات الاستكشافية الإنجليزية، إلى جانب أنتاركتيكا، فهما لا تُصنَّفان ضمن العالم الجديد، كما أنَّهما لا تُصنَّفان ضمن العالم القديم. نجحت أوروبَّا وبعد هذه الفتوحات الاستكشافيَّة الهائلة في القضاء على أنواع المشاكل الاقتصاديَّة المختلفة التي كانت تهدَّدها وبشكلٍ كبيرٍ جدَّاً وغير مسبوق، وقد أدَّى حلُّ الأزمات الاقتصاديَّة التي كانت أوروبا تمرُّ بها إلى الدخول في عصرٍ جديدٍ كليَّاً وهو عصر الإنتاج والرأسماليَّة. أيضاً ومن أبرز نتائج هذا الرَّخاء الاقتصاديّ الكبير الذي شهدته القارَّة الأوروبيَّة بعد هذه الرحلات الاستكشافيَّة العظيمة، وظهور العديد من القوى الاستعماريَّة الهامَّة والتي استطاعت التمدُّد في مناطق عديدةٍ من العالم.

تعليقات
إرسال تعليق