القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث عن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم


بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم


بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم:
لما تقاربت سن الرسول صلى الله عليه وسلم الأربعين, وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه عبدة الأوثان, حبب الله إليه الخلاء, فكان يأخذ السّوِيق فيه شهر رمضان, ويقضي وقته في العبادة والتفكير بما حوله من مشاهد الكون, وفيما وراءها من قدرة مبدعة, وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة, وتصوراتها الواهية, ولكن ليس بين يديه طريق واضح, ولا منهج محدد, ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه.

وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفاً من تدبير الله له, وليكون انقطاعه عن شواغل الأرض, وضَجّة الحياة, وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة نقطة تحول لاستعداده لما ينتظره من الأمر العظيم, فيستعد لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض, وتعديل خط التاريخ... دبر الله له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات, ينطلق في هذه العزلة شهراً من الزمان, ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون, حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله.

قالت عائشة رضي الله عنها:( كانَ أوَّلُ ما بُدِئَ بهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الرؤيا الصادقةُ في النومِ ، فكانَ لا يرَى رؤيَا إلا جاءتْ مثلَ فَلَقِ الصُّبحِ ، ثم حُبِبَ إليهِ الخَلاءُ ، فكانَ يلْحَقُ بغارِ حِرَاءٍ ، فيَتَحَنَّثُ فيهِ - قالَ: والتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ - الليالِيَ ذواتِ العددِ قبْلَ أن يَرجِعَ إلى أهلِهِ ، ويَتَزَوَّدُ لذَلِكَ ، ثمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ ، فيَتَزَوَّدُ بمثْلِهَا ، حتى فَجِئَهُ الحقُّ وهوَ في غَارِ حِرَاءٍ ،

ففجاءَهُ المَلَكُ فقالَ: اقرأْ ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:( ما أنَا بِقَارِئٍ ). قالَ:( فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتى بلغَ مني الجَهدَ ، ثم أرسلنِي فقالَ: اقرأْ ، قلتُ: ما أنَا بقارِئٍ ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانيةَ حتى بلَغَ مني الجَهدَ ، ثم أرسلَني فقالَ: اقرأْ ، قلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ ، فأخذَنِي فَغَطَّنِي الثَالِثَةَ حتى بلَغَ مني الجَهْدَ ، ثمَّ أرسلَنِي فقالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ . الآياتِ إلى قَوْلِهِ: عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ).

فرجَعَ بهَا رسولُ اللهِ صلَى اللهُ عليهِ وسلمَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ ، حتى دَخَلَ على خَدِيجَةَ ، فقالَ:( زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي). فَزَمَّلوهُ حتَّى ذهَبَ عنهُ الروعُ. قالَ لخَدِيجَةَ:( أيْ خَدِيجَةُ ، مَا لِي ، لقدْ خَشِيتُ على نفسِي ). فأخبرَهَا الخَبَرَ ، قالتْ خَدِيجَةُ: كلَّا ، أَبْشِرْ ، فواللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أبدًا ، فواللهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرحِمَ ، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ ، وتَقْرِي الضَّيْفَ ، وتُعِينُ على نَوَائِبِ الحقِّ . 

فانْطَلَقَتْ بهِ خديجةُ حتَّى أَتَتْ بهِ وَرَقَةَ بنَ نَوْفَلٍ ، وهوَ ابنُ عمِّ خديجَةَ أَخِي أبِيهَا ، وكانَ امرأً تَنَصَّرَ في الجاهِلَيَّةِ ، وكانَ يكْتُبُ الكتابَ العربِيَّ ، ويكتُبُ من الإنجيلِ بالعربيةِ ما شاءَ اللهُ أن يكتُبَ ، وكانَ شيخًا كبيرًا قد عَمِيَ .

فقالتْ خديجةُ: يا ابنَ عَمِّ ، اسمَعْ من ابْنِ أخِيكَ ، قالَ ورَقَةُ: يا ابنَ أخِي ، ماذا تَرَى ؟ فأَخْبَرهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خَبَرَ ما رأَى ، فقالَ ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنِزَل على موسَى ، لَيْتَنِي فيهَا جذَعًا ، ليتَنِي أكُونُ حيًّا ، ذَكَرَ حَرفًا ، قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:( أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ ). قالَ وَرَقَةُ: نَعمْ ، لم يأتِ رجلٌ بمَا جِئْتَ بهِ إلا أُوِذِيَ ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَومُكَ حيًا أنْصُرُكَ نصرًا مُؤَزَّرًا. ثمَّ لم يَنْشَبْ ورقةُ أنْ تُوُفِّيَ ، وَفَتَرَ الوحْيُ فَتْرَةً ، حتى حَزِنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ) صحيح البخاري.

يصل ارتفاع جبل النور إلى 642 متراً, ويصير انحدار الجبل شديداً من ارتفاع 380 متراً حتى يصل إلى ارتفاع 500 متر, ثم يستمر بانحدار قائم الزاوية تقريباً حتى قمة الجبل في شكل جرف. وتبلغ مساحته 5,25 كم مربع.

 حال الرسول قبل البعثه.
 - كان الرسول لصلى الله عليه وسلم قبل بعثته, يخلو بـ ( غار حراء ) في جبل النور ـ الذي يقع في شمال شرقي المسجد الحرام ويطل على طريق العدل والذي سمي بهذا الاسم لظهور أنوار النبوة فيه, ـ حيث كان عليه السلام يَتَعبَّدُ فيه الليالي ذواتِ العدد, إذ بُغَّضَت إليه الأوثان ودينُ قومه, فلم يكن شيء أبغض إليه من ذلك. فلما كَمُلَ له أربعون سنة, أشرق عليه نُور النبوة, وأكرمه الله تعالى برسالته, وبعثه إلى خلقه, واختصه بكرامته, وجعله أمينه بينه وبين عباده.


تعليقات