القائمة الرئيسية

الصفحات

السلوكيات الأخلاق الحميدة 


يتميّز البشر عن بعضهم البعض بالكثير من الأمور الظاهرة والباطنة والتي تجعلهم مختلفين في طرق تفكيرهم وحياتهم، ولا يمكن للبشر أن يتعايشوا مع بعضهم البعض إن لم يتّبعوا بعض القواعد والأساليب التي يتقبلها الجميع، وتجعلهم يحافظون على علاقاتهم مع غيرهم مع عدم الاعتداء عليهم والتعامل معهم بالطرق المحببة والجيدة، وهذا كلّه يحتاج إلى ما يسمى بالأخلاق. 


مفهوم الأخلاق الحميدة 



جَاء الرّسول عليه الصلاة والسلام ليتمّم مكارم الأخلاق التي شيّدها الأنبياء من قبله، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (إنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مكارم الأَخْلاَقِ)؛ فأساس الدين الخلق، فإذا تأمّلنا في حالنا هذا نجد أنّ الأزمة عبارة عن أزمةٍ أخلاقيّة؛ لذلك سنتحدّث خلال هذا المقال عن بعض المفاهيم الأخلاقيّة والواجبات التي يجب أن يتحلّى بها المسلم. الخلق لغة هو السّجية والطبع والدين، وهو صورة باطن الإنسان، أمّا الخلق فهو ما يظهر من الانسان، أمّا في الاصطلاح فهي الهيئة الثابتة في النفس التي تصدر عنها الأفعال بعفوية، والعفوية في الفعل أي فعلٍ دون تفكير وتخطيط أو تروّي، تُقسم هذه الأفعال الخارجة من الهيئة الثابتة إلى أفعال محمودة أو أفعال مذمومة، وهناك فرقٌ شاسعٌ بين الخلق والتخلق، فالخلق عبارة عن أفعال لا إرادية تخرج من باطن الإنسان، أما التخلّق هو التصنع ولا يدوم طويلاً بل يظهر من خلال الأفعال. 



الأخلاق 



هي عبارة عن مجموعة من المبادئ والقواعد التي تساعد على تنظيم سلوك الإنسان، ممّا يسهّل من حياته ويجعلها تبدو بالشكل الأكمل، في كافة تعاملاته مع نفسه ومع الله وغيره من البشر والمخلوقات الأخرى، وممّا لا شكّ فيه أن الأخلاق هي جوهر وروح الرسالات السماوية الثلاث، وقد اهتم الإسلام بالأخلاق وجعلها أمر أساسيّ يحاسب عليه الإنسان في الدنيا والآخرة، ويقاس الدين الصحيح بمدى حسن الخلق الذي يدعو له، وقد شهد الله في قرآنه الكريم على أنّ رسول الله هو ذو خلق عظيم، وأخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأنّه بعث لكي يتمّم مكارم الأخلاق، وللأخلاق أهميّة كبيرة ليس فقط من الجهة الدينية بل أيضاً للحصول على مجتمع صحي خالي من الأحقاد والجرائم.
الأخلاق نوعان 



فمنها الأخلاق السيئة والتي تؤدّي إلى الأفعال والأقوال القبيحة والتي لا يقبلها المجتمع أو الشرع كالسرقة، والكذب، والأخلاق الحسنة التي تنتج عنها الأقوال والأفعال الحسنة والتي يحثّ عليها المجتمع والشرع، كالأمانة، والتعاون، واللين، فصاحب الخلق الحسن لا يميّز في تعامله مع الآخرين بين الغنيّ والفقير، أو أسود وأبيض، بل يعامل الناس جميعها بأخلاقه من العدل، والرحمة، والإحسان، وتتمثل أخلاقه في سلوكه وقوله، وهو يتعامل بالأخلاق الحسنة مع الحيوانات كذلك، ويظهرها في حفاظه على البيئة التي يعيش فيها فيعمر الأرض ويستغل مواردها بالشكل الصحيح ولا يفسدها أو يحتكرها لنفسه، ويعامل الناس المقربين منه بالشكل الذي يقربهم منه ويحبّبهم له بكلّ مودة ورحمة، ولا يغش في تجارته ولا يظلم الناس، ولا يأذيهم في صناعاته أو أعماله، ويتعامل مع الناس باللين والمسامحة فلا يرد سائل ولا يبغض أو يحقد. يجب أن تكون الأخلاق نابعة من داخل النفس لخارجها، ولا يمكن أن يتم فصلها عن بعضها البعض فهي مترابطة وتمثل سلوك الشخص بشكل كامل، فليس هنالك استثناءات في الأخلاق، والشخص صاحب الخلق الحسن لا يقوم بأي تصرف سيّئ، وهي أمر غاية بالأهميّة ولا يجب الاستغناء عنها وقتما يشاء أو يتعامل معها بما يخدم مصالحه الشخصيّة، فيجب أن يتصف بها في كلّ وقت وفي أي حال من الأحوال. 




أهمية الأخلاق 



الخلق أبرز ما يراه الانسان ويستطيع الحكم فيه، ونستطيع إدراكه من سائر أعمال الإسلام، فالإنسان لا يستطيع رؤية العقيدة لأنّ مكانها القلب، ولا يستطيع رؤية العبادة لكن باستطاعه رؤية الأخلاق، يحكم الإنسان على الآخر من خلال أخلاقه، لذلك يُحدّثنا التاريخ عن حضارات أسلمت من خلال الحكم على أخلاق الدّعاة لا دعواهم. 



تعظيم الإسلام لحسن الخلق: 



عظّم الإسلام الخلق من خلال جعله عبادةً يؤجر عليها الإنسان، فجعله الرسول عليه الصلاة والسلام أساس التفاضل يوم القيامة، وجعل أجر حسن الخلق ثقيلاً في الميزان. 



الخلق أساس بقاء الأمم: يقول الله - تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء: 16]، 



فالأخلاق هي المعيار لنجاح الأمة أو فشلها. الخلق أساس المودة ودمار للعداوة: يقول أبو حاتم - رحمه الله -: "الواجب على العاقل أن يتحبَّب إلى الناس بلزوم حُسن الخُلق، وتَرْكِ سوء الخُلق؛ لأن الخُلق الحسَن يُذيب الخطايا كما تذيب الشمسُ الجليد، وإن الخُلق السيِّئ لَيُفسد العمل، كما يفسد الخلُّ العسلَ"، فكم من محبة كان أساسها حسن الخلق وكم من عداوةٍ انتهت بحسن الخلق. 



وسائل تعيننا على اكتساب الخلق 



الدعاء: اللجوء الى الله تعالى بالدعاء ليرزقنا حسن الخلق. 



المجاهدة: يحصل الإنسان على الشيء بالمجاهدة والسعي. التفكير في آثار حسن الخلق: إذا أدرك الإنسان أنّ أول ما اكتسبته النفوس هو الأخلاق سهل عليه اكتسابها. النظر في عواقب سوء الأخلاق: لأن سوء الخلق يجلب الندم والتفكير بالأسف. 



الصبر: الخلق الحسن يَعتمد على الصبر؛ فالصّبر من الأسس الأخلاقيّة. 



فوائد الأخلاق 



الطريقة الأفضل للمحبّة والمودّة بين الناس. 



الخلق الحسن يُحوّل العدو إلى صديق. 



حسن الخلق يجلب معرفة ورضا الخالق. 



تُمحى السيئات من حسن الخلق. 



تدخل الجنة بسبب حسن الخلق. 



حسن الخلق هو الطريق إلى الله. 



حسن الخلق دلالة سماحة وعزّة النفس. 



وهناك العديد من الأخلاق السيئة التي انتشرت في المجتمعات، والتي أدت إلى شيوع الفساد، وانتشار الرذيلة، وتهديد الممتلكات، وضياع حقوق الأفراد، والتأثير على تكافؤ الفرص، فالكذب على الناس، وشهادة الزور، والفجور بعد الخصام، والنفاق في القول والعمل، والغيبة، والنميمة، وإخلاف الوعد، وقطع الطريق، كلها سلوكيات تنجم عن سوء خلق فاعلها، والإنسان سيء الخلق لا يحبه الناس، ولا يرغبون في رؤيته، ويحاولون تجنبه في كل مكان يرونه فيه، وهو شخص منبوذ في مجتمعه، لأنه لا يحترم الناس، ولا يراعي حقوقهم، وقد يصل به الأمر إلى إيذاء كل من حوله، بما في ذلك أهل بيته. 



وعلى الإنسان أن يمتثل الأخلاق الحميدة، ويجعلها أساس التعامل في حياته اليومية، ويحاول نصح الأشخاص سيئ الخلق، وأن يوضح لهم ما هم عليه، وكيف أنهم قد خرجوا عن أوامر الله، وابتعدوا عن سنة نبيه الكريم الذي كان قمة في الأخلاق الحميدة، كما يبرُز دور الأهل في تربية الأبناء على هذه الأخلاق الحسنة، لأنه الأطفال الذين تنبت فيهم الأخلاق الطيبة لا يمكن أن تنزع منهم بسهولة، بخلاف الذين يكبر فيهم الخلق السيء، ويكون عنوان معاملاتهم مع الناس ما داموا أحياءً.



تعليقات