التعليم عن بعد
التعليم عن بعد هو نقل العلم من مراكز تجمعه في عواصم الدول إلى مدنها البعيدة التي لا تتوفر فيها وسائل وسائط المعرفة الضخمة و المتخصصة. ويكون الاتصال بين الطالب المتلقي و المحاضر متفاعل interactive، و يتيح نظام التعليم عن بعد إمكانية تلقى المحاضرات من مصدر بعيد عن مكان المحاضرة بنفس السرعة وفى نفس زمن التنفيذ real time application ويمكن هذا النظام من بث المحاضرات الحية والمسجلة بكفاءة عالية، حيث يمكن الطالب او المستمع من حضور محاضرة داخل او خارج حدود البلد الذي يقيم فيه.
إذاً فالتعليم عن بعد Distance Learning يُقصد به استخدام تكنولوجيا الاتصال وتقنيات الكمبيوتر في عملية التعليم. ويطلق على هذه العملية أيضا مصطلحات أخرى مثل: Internet-Based Learning، Distributed Learning، Computer-Mediated Communication.
و جدير بالذكر أن منهجية التعليم عن بعد في الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي تقوم على مرتكزات التعليم عن بعد المتعارف عليها في المملكة المتحدة والتي تم توطيدها بشكل راسخ خلال السنوات الأخيرة من عمر تجربة التعليم عن بعد التي مضى عليها ما يقارب السبعة عقود منذ أن نشأت في المملكة المتحدة عقب أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها بالاستناد إلى خدمات البريد الملكي البريطاني Royal Mail لمساعدة الطلاب في المناطق النائية البريطانية للدراسة والتحصيل العلمي. و حسب الواقع التعليمي المعاش راهناً في المملكة المتحدة أصبح التعليم عن بعد النموذج التعليمي الأكثر فاعلية و تطوراً بشكل مضطرد بالاستناد إلى منجزات ثورة الاتصالات المتسارعة والذي شكل التعليم عن بعد أحد أكثر المستفيدين من إنجازاتها.
وتقوم عملية التعليم عن بعد في المملكة المتحدة و الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي على جملة الثوابت الأساسية الراسخة ومنها:
• التعليم عن بعد حقل فريد يستخدم طرائق فريدة غير مستعارة من سياقات تعليمية تقليدية:
حيث أن جميع المواد العلمية التي تم صياغتها لتكون مادة علمية متاحة للطلاب للدراسة من خلال الحرم الإلكتروني الخاص بالتعليم عن بعد يجب أن تكون مصاغة بشكل خاص يتناسب مع سياق و منهجية التعليم عن بعد. بالإضافة إلى ضرورة وجود العديد من الأنشطة التطبيقية في متنها والتي تعمل كمذكر وأداة للمراجعة والتفكر في ما تمت قراءته من قبل الطالب، وبما يمنح الطالب مساعدة غير مباشرة في سياق العملية التعليمية تأخذ بيده وفق منهجية التعليم خطوة خطوة ولكن دون أن تعيقه عن التقدم السريع في حال وجد الطالب القدرة في نفسه عن ذلك. وبمعنى آخر فإن التعليم عن بعد منهجية خاصة تهدف إلى أن يكون محصولها متميزاً و دون أن يكون الجهد للوصول إلى ناتجها مضنياً على الإطلاق، و إنما أيسر من طرائق التعليم التقليدي في معظم الأحيان.
• التعليم عن بعد وسيلة لتجاوز حواجز المسافات بين الطالب و المدرس:
حيث تدل الدراسات الإحصائية في المملكة المتحدة على تباين مكان التواجد الجغرافي للمدرس والطالب في معظم مؤسسات التعليم عن بعد في المملكة المتحدة، وهو ما يتيح للطالب الاستفادة من خبرات نخبة من المدرسين في الحقل العلمي الذي يدرسه والذين لولا التعليم عن بعد لما كان التواصل معهم ميسراً أو حتى متاحاً في الكثير من الأحيان نظراً للتباعد الجغرافي الذي قد يكون شاسعاً في الكثير من الأحيان بين الطالب والمدرس المشرف المعين للإشراف على برنامجه الدراسي.
البرامج الهجينة (المختلطة) - Hybrid courses:
نوع من برامج التعليم عن بعد التي قد تتطلب التواجد الجسدي في الموقع التعليمي لسبب من الأسباب (بما في ذلك أداء الامتحانات)، يعرف هذا النوع من التعليم بمسمى: برامج التعليم الهجين (المختلطة) Hybrid أو برامج الدراسة ذات التعلم المختلط Blended. فهو مزيج من نظم التعيلم عن بعد بالتفاعل وجها لوجه. مثل: نشاط مناقشات الفصل، و العمل الجماعي النشط، والمحاضرات الحية مع التقنيات التعليمية على شبكة الإنترنت، البرامج التعليمية السابقة الإعداد و المحملة على شبكة الإنترنت Online course cartridges، وتحديد المهام Assignments التي يجب أن يقوم الدارس بتنفيذها، ومنتدى المناقشاتDiscussion boards ، وغيرها من أدوات التعلم بمساعدة شبكة الإنترنت.
مزايا التعليم عن بعد:
1- الاستغلال الجغرافي:
لا يحتاج الطالب والاستاذ إلى أن يكونا متواجدين في مكان واحد من أجل تبادل المعلومات. فالطالب يمكن له أن يقرأ أو أن يستمع إلى أو حتى يشاهد محاضرة الأستاذ إلكترونيا on-line عبر شبكة الإنترنت حتى و إن كان الطالب في بيته أو في بلد آخر غير البلد الذي يقيم فيه أستاذه. كذلك يمكن للأستاذ أن ينشر محاضرته إلكترونيا بأحد الأشكال التالية عبر شبكة الإنترنت من بيته أو من بلد آخر غير البلد الذي يتواجد فيه طلبته :
• نصي textual (باستخدام صيغة Adobe Acrobat ) أو ؛
• صوتي Audio (باستخدام صيغة Streaming Real Audio ) أو ؛
• مرئي Visual (باستخدام صيغة Streaming Real Video أو Streaming Net Show أو Compressed MPEG).
2- الاستغلال الوقتي:
ليس ضروريا أن يكون كل من الطالب و الأستاذ متواجدين في زمن واحد لتبادل المعلومات. فالأستاذ يمكن له أن ينشر محاضرته إلكترونيا إما بصيغة نصية قابلة للطبع أو بصيغة مسموعة أو مرئية وللطالب بعد ذلك أن يقرأ المحاضرة و يطبعها أو أن يستمع إليها أو يشاهدها في أي وقت يناسبه دون الحاجة إلى أن يلقي الأستاذ المحاضرة في وقت محدد. و كما أن للطالب الحرية في اختيار الوقت المناسب له كي يتلقى المحاضرة، فان له الخيار أيضا في إختيار الجزء الذي يرغب بقراءته أو الاستماع إليه أو مشاهدته. كذلك يمكن له أن يعيد الاستماع إلى جزء معين من المحاضرة أو أن يشاهد جزءا معينا منها و هي أمور يصعب تحقيقها في المحاضرة التقليدية. فعلى سبيل المثال، يمكن للطالب أن يختار الأجزاء التي يريد أن يستمع إليها أو يشاهدها من المحاضرة إذا كانت تلك المحاضرة منشورة بصيغة Real Audio أو Real Video. يمكن له كذلك إعادة الاستماع إلى أو مشاهدة أي جزء من المحاضرة المنشورة بتلك الصيغ.
3- الوسيط الحاسوبي:
استخدام الكمبيوتر كوسيط لنقل المعلومات يعني أيضا استغلال سرعة الكمبيوتر و إمكانياته في العملية التعليمية و هو أمر يساعد في تطوير هذه العملية.
4- توفر فرص التعليم لغير المستطيعين:
التعليم عن بعد سوف تمكن شريحة كبيرة من أفراد المجتمع من تحقيق رغباتها خصوصا هؤلاء الذين لا يستطيعون الالتحاق بالتعليم العالي لظروف مختلفة ( مثل السن أو الارتباط بعمل معين ). فالتعليم عن بعد مفتوح للجميع ولا حاجة فيه لحضور نظامي إلى الجامعة في أوقات محددة وهي أمور قد لا تناسب ظروف البعض.
5- التغلب على مشكلة الطاقة الاستيعابية للجامعات والهيئات التعليمية:
فالتعليم عن بعد لا يتطلب حضور الطلبة إلى الفصول الدراسية، و لا يتطلب تواجد محاضر في كل فصل كي يعطي عددا محدودا من الطلبة محاضرة معينة. هذا يعني أن الجامعات والهيئات التعليمية ستتمكن من التغلب على مشكلة طاقاتها الاستيعابية المحدودة التي تحتم عليها قبول عدد من الطلبة يتناسب مع ما هو متوفر من فصول دراسية و مدرسين.
عيوب التعليم عن بعد :
1- الحاجة إلى التدريب:
يحتاج المدرسون إلى تدريب على استخدام الانترنت بشكل عام إضافة إلى التدريب على استخدام برامج خاصة لاستغلالها في عمل صفحات الانترنت ونشر المحاضرات وغير ذلك. كذلك فالطالب يحتاج إلى تدريب على استخدام الانترنت إضافة إلى تدريب على استخدام البرامج التي تساعده على تبادل المعلومات مع أستاذه. وقبل كل هذا يحتاج كل من الطالب والأستاذ إلى امتلاكهما لمعرفة بأساسيات الحاسوب Computer Literacy.
2- الحاجة إلى بنية تكنولوجية:
من أجل إنشاء نظام تعليم عن بعد يجب توفر بنية تكنولوجية تحتية Technological Infrastructure عند الجامعة أو الجهة التي ترغب بطرح برامج التعليم عن بعد. هذه البنية ليست متوفرة لدى كل الجامعات أو الهيئات التعليمية.
3- الحاجة إلى وجود اتصال بين الطلبة وشبكة الإنترنت:
كي يتمكن الطلبة من النفاذ إلى البيانات الإلكترونية ولكي يستطيعوا تبادل المعلومات مع أساتذتهم يجب توفر اتصال بين الطلبة وشبكة الإنترنت. هذا الاتصال قد يكون اتصالا عبر مزود خدمات إنترنت ISP أو عبر الشبكة الداخلية للجامعة أو الهيئة التعليمية Intranet. إلا أن الطلبة ليسوا جميعا قادرون على الاتصال بشبكة الإنترنت عن طريق مزود خدمات الإنترنت. كذلك فالجامعات والهيئات التعليمية لا تمتلك جميعها شبكات Intranet مفتوحة لطلبتها.
4- مشكلة عرض الموجة Bandwidth:
من المشاكل الأساسية التي تواجه عملية التعلبم عن بعد مشكلة عرض الموجه Bandwidth أي السرعة التي يتم عن طريقها تبادل المعلومات بين مزود خدمات الإنترنت و مستخدم شبكة الإنترنت الذي يتصل بالشبكة عبر هذا المزود. فمستخدمو شبكة الإنترنت الذين يتصلون بالشبكة من أجهزة الهاتف المنزلية العادية عبر مزودي خدمات الإنترنت يتبادلون المعلومات مع شبكة الإنترنت بسرعة لا تتجاوز عادة 33,6 كيلوبايت في الثانية Kbps من أجل نقل المحاضرات المرئية بشكل مناسب بحيث يمكن مشاهدة المحاضرات على شاشة كاملة الحجم و دون تقطع في الصوت و الصورة يحتاج مستخدم الإنترنت إلى توفر سرعة عالية لنقل المعلومات بينه وبين شبكة الإنترنت. يمكن تحقيق ذلك بواسطة توصيل حاسوب المستخدم بشبكة الإنترنت عن طريق أنظمة خاصة تعطي عرض موجة Bandwidth أكبر مثل أنظمة ISDN و DSL و T1 Lines و غيرها. هذه الأنظمة تعتبر مكلفة بالنسبة للمستخدمين العاديين.
5- الأمن:
يمثل الأمن أحد المشاكل الأساسية التي تواجه عملية التعلم عن بعد. فخلال أداء الامتحانات الإلكترونية on-line quizzes لا يضمن الأستاذ أن الطالب لا يحاول الغش. كذلك لا يضمن الأستاذ أن من يقوم بأداء الامتحان هو الطالب نفسه وليس شخصا غيره. هنالك بعض الوسائل البرمجية والتقنيات التي قد تساعد في التغلب على بعض السلبيات المتعلقة بالأمن، إلا أنها غير كافية للتغلب على كل تلك السلبيات. من هذه الوسائل استخدام ما يعرف بالـ Login Names و الـ Passwords للدخول إلى الامتحان عن طريق برمجة الموقع لكي يقبل فقط الطلبة المسموح لهم بالدخول. من تلك الطرق أيضا الحصول على عنوان الـ IP المستخدم من قبل الطالب أثناء أداء الامتحان عن طريق عمل برامج خاصة تستخدم بعض إمكانيات الحاسب الخادم Server من أجل التعرف على ذلك العنوان. إلا أن هذه الوسائل غير كافية للتغلب على كل السلبيات المتعلقة بموضوع الأمن.
6- التكاليف:
إضافة إلى السلبيات السابقة، فان هنالك تكاليف تتحملها الجهة التي ترغب بتطبيق نظام التعليم عن بعد. من هذه التكاليف ما يتعلق بالبنية التكنولوجية التي يتطلبها نظام التعليم عن بعد. فشراء وصيانة حاسوب خادم Server مع معدات و برامج، أو استئجار مساحة على حاسوب خادم من جهة خارجية كلها أمور تمثل أعباء مالية. كما أن تدريب المدرسين على استعمال البرامج والأدوات المستخدمة في نظام التعليم عن بعد يمثل عبئا ماليا إضافيا.

تعليقات
إرسال تعليق