القائمة الرئيسية

الصفحات


الشهداء



الشهيد
الشهيد هو ذلك الشخص الذي ضحى بحياته من أجل رفع كلمة الله وجعلها هي العليا، يكون المرء شهيداً عندما يدافع عن وطنه أو عرضه أو يقاتل أولئك الذين يكفرون بالله سبحانه وتعالى، والشهادة منزلة رفيعة وعالية عند الله تعالى، يتمنى الكثير من الناس نيل درجة الشهادة لما لها من ميزات في الحياة الآخرة، فصاحبها يشفع لسبعين من أهله ويسكن في الدرجات العلا من الجنة، ونستعرض هنا كلمات مؤثرة عن الشهيد وأعماله.
الشهيد، رفيق الأنبياء في الجنة، وصاحب الروح الطاهرة التي ضحت بنفسها لأجل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، فالشهادة شرفٌ لا يناله إلا من تمكن الإيمان في قلبه، وجعل حب الله تعالى هو الحب الأول والأخير بالنسبة له، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى للشهيد كرامات عدة، اولها أنه الله يغفر ذنوبه جميعاً بأول دفقةٍ من دمه، كما يُرى منزلته العظيمة التي أعدها الله سبحانه وتعالى له في الجنة، ويشفع لسبعين من أقرابه، فيا له من شرفٍ ليس بعده شرف، خص الله به الشهيد دون الجميع، لأن التجارة مع الله سبحانه وتعالى هي دائماً تجارة رابحة ولا تبور أبداً.
الشهيد لا يموت أبداً، بل هو حيٌ يُرزق عند ربه، يتنعم في نعيم الجنة المقيم، ويفرح بما أعد الله تعالى له، يقول جل وعلا في محكم التنزيل: ” وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)”، فمن يخرج مضحياً بنفسه وماله وحياته يستحق هذه المكانة بأمرٍ من الله تعالى، فلولا تضحية الشهيد لضاعت الأوطان، ولسُلبت الثروات، واستبيحت المحارم، وانتهكت الأعراض، فالشهيد هو الدرع الحصين الذي نصّب نفسه لصون العِرض والقضاء على الظلم وإخماد نار الفتن وهو ملاذ الخائفين ورئة الوطن ورأس ماله، فالأوطان بلا شهداء مضحين بحياتهم تسقط ولا تصمد أبداً.
من حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل في أمتنا أعداداً لا تُحصى من الشهداء، ومنهم الصحابة والتابعين عليهم السلام، وذلك ليكونوا قدوةً لمن بعدهم من جيل الشباب والأطفال وحتى الكبار، ولتفعل مثلهم الأجيال المتتابعة جيلاً بعد جيل، فنيل الشهادة لا يأتي بسهولةٍ، وإنما يحتاج إلى نيةٍ صادقةٍ ونفسٍ مؤمنةٍ تعرف ما تريد، وتطلب الحياة ولا تخشى الموت، فالشهيد قبل أن يهمّ بالدفاع عن مبادئه السامية التي أمره الله تعالى بها، يجعل في نيته النصر أو الشهادة، وكلاهما خيرٌ وبركة.
الشهيد يصنع مجد الأمم وكرامتها، ويُحلق بالأوطان إلى أعلى المراتب، فمن يُقدم دمه فداءً، يُخيف الأعداء حتى وإن رحلت روحه إلى الرفيق الأعلى، لأنه يؤدي لأعدائه رسالةً واضحةً بأن الشهيد سيتلوه شهيد، وأن الخير باقٍ ما دامت النفوس تأبى الذل والمهانة وتبحث عن عزتها وتضحي بدماء أبنائها الطيبين، فالتراب الذي لا يختلط بدم الشهيد لا يمكن أن يكون تراباً عطراً، والأرض التي لا يُدفن فيها شهيد لا يمكن أن تدوم، فالشهيد هو القنديل المضيء في ظلمة الحياة، وهو رجل المهمات الصعبة، وهو زوادة الوطن ومستقبله المشرق.
خواطر عن الشهادة
مازلت أسير هذا المشهد، لم أستطع أن أنساه، حينما فاجأنا المتحدث باسم القوات المسلحة بأداء تحية الشرف العسكرية لأرواح الشهداء، انهمرت الدموع من عيون المشاهدين حتى أوجعتنا عيوننا من البكاء. الهول والويل، والصراخ والعويل، والرصاص المنهمر، والدماء تتفجر، والشهداء يسقطون، من أى سبيكة ذهب صيغت نفوس هؤلاء الشهداء، كيف استطاعوا أن يثبتوا ويهزموا الرعب من الموت والخوف من الرصاص، أي روح قدسية تملكتهم في تلك اللحظة، أي بطولة يعجز عن وصفها اللسان. أيكون الشهيد هو "الإنسان الكامل" الذي أسجد الله له الملائكة؟ "الإنسان الأسمى" الذي حلم به أفلاطون؟ "الإنسان السوبر" الذي ضل عنه نيتشه حين يبذل الشهيد روحه طواعية، حين يثبت في مواجهة الموت، حين يسمو على الحياة التي نحرص عليها بغريزة أساسية، مثلنا مثل سائر المخلوقات. تهرب القطة حين نفزعها، يطير العصفور حين نقترب منه، كلنا نحرص على الحياة، مهما ضقنا بها، حتى لو تمنينا الموت بطرف اللسان، تكذّبنا جوارحنا، لأنه حين يقترب الخطر، أو توشك أن تدهمنا سيارة، نقفز إلى الرصيف المجاور، بسبب الرعب، رغم أننا كنا- منذ دقيقة واحدة - نتحدث عن ضجرنا بالحياة. نصبح - فى مواجهة الموت - القطة والعصفور، تضعف سيطرة القشرة المخية على غرائزنا، نتحول إلى مجرد انعكاس شرطي يفر من الألم، ويتوارى منا الإنسان. الشهيد هو لحظة التسامي فوق هذه الغرائز العمياء، حينما يثبت في مواجهة الموت، ويعلو فوق الانعكاسات الشرطية، وقتها يتحقق فيه "الإنسان الكامل" الذي ترفع له التحية العسكرية، وتسجد له الملائكة في السماء. في ظاهر الأمر نحن أحياء وهم أموات، أما الحقيقة فإننا نعيش حياة الموت، نمارس العيش المزيف، نركض خلف قوس قزح، نلهو، نعبث، نضحك ونبكي، نحمل الهم على الأرزاق، نولول على صفقاتنا البائسة التي لا تنجح، نتشاجر على حطام الدنيا، نتفاخر، نحيا كما الأنعام، نركض خلف ألف وهم ووهم، تداهمنا الرغبة واللذة والانشغال في توافه الأشياء، نعيش بضع سنين أخرى وفي النهاية.. يأتي الموت


تعليقات