بحث عن جهود الدولة والمجتمع المدني في غرس ثقافة الانتماء الولاء للوطن ونبذ العنف

الولاء والانتماء من المفاهيم التي يتم ترديدها كثيرا في كافة المحافل السياسية والثقافية والتربوية، وأضحت أحد الضرورات الأساسية في عالمنا المعاصر نظراً لما تتضمنه الكلمتان من معانٍ ودلالات عظيمة تمثل أساساً للفطرة السليمة التي تنظر إليهما بقدسية واحترام .
وهذه مفاهيم يكتسبها الإنسان من تلقاء ذاته ولا تملى عليه إلا أن الضرورة تحتم غرسها وتعزيزها في نفس كل مواطن ليمارس حقوقه المشروعة متحلياً بأخلاقيات المواطنة والسلوكيات السليمة .
وللمؤسسات التربوية دوراً محورياً وكذالك القطاعات الحيوية الأخرى في ترسيخ معاني الانتماء والولاء الوطني لدى النشء والشباب والقائمة على تقوية الأواصر الأخوية ومواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وتحرير الأجيال من العصبيات المذهبية والحزبية والطائفية والمناطقية والجهوية وتدعيم قيم التسامح والسلام والمحبة..
وحرص الحكومة على تكثيف الاهتمام بمراحل التعليم المختلفة وإيصال خدماته إلى كل المواطنين بالنظر إلى الدور الذي يلعبه في تنشئة الجيل وتشكيل سلوكياته التنشئة السليمة التي تسهم في بناء نهضة شاملة في مختلف المجالات.
وعليه أصبح من الضرورة بمكان تعزيز مفاهيم الانتماء والمواطنة في نفوس التلاميذ وتنشئتهم على القيم الدينية والأخلاقية والثوابت الوطنية ابتداء من النشيد الوطني وتحية العلم إلى جانب الوعي بالمسئولية الاجتماعية عبر سلوكيات تكتسب من خلال ممارسة الأنشطة الدراسية الصفية واللا صفية والممارسات اليومية داخل المدرسة وخارجها والتي تدار وفق رؤية تربوية تنطلق من احترام الهوية والحفاظ على الثوابت الوطنية والولاء الكامل للوطن, ونبذ العنف والتعصب إلى جانب تعليم النشء والشباب أساليب وطرق التعبير عن الرأي و احترام وتقبل الرأي الآخر والتمتع بكافة الحقوق السياسية والمدنية التي كفلها الدستور .
وبرلمان الأطفال الذي يجرى انتخابه في مدارس التعليم العام وانتخابات المجالس المحلية للمدارس ومجالس الآباء والأمهات ورواد الفصول سلوكاً عمليا للممارسة الفعلية للسلوكيات السليمة وأساسا للتنشئة الديمقراطية التي تمارس على أرض الواقع كأحد حقوق المواطنة.
والتربية تقوم بتوظيف كافة مكونات العملية التعليمية والتربوية لغرس مفهوم الولاء الوطني والتصدي لمحاولات الاختراق الثقافي والنفسي ونبذ العنف والتعصب الذي قد يستهدف النيل من الوطن ووحدته وسيادته, مع اعتماد العقلانية في تحليل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما لا يجب إغفال الدور الذي تلعبه الأسرة في غرس السلوكيات السليمة في نفوس أفرادها وتنمية شعورهم بالفخر والاعتزاز لانتمائهم لهذه الأسرة, وتوسيع دائرة الانتماء لتشمل كل جزء من الوطن. وكذلك الإعلام الذي يعد وسيلة رئيسية وفاعلة يجب أن تسهم في غرس المفاهيم السليمة عن طريق البرامج الهادفة التي تصب في خانة الولاء والانتماء للوطن الذي يدرك حاجته إلى هذا الجيل الذي يعي حقوقه ومتطلباته وتطلعاته في الاستقرار والوحدة والتنمية والنهوض الحضاري الشامل .
وهو ما يؤكد عليه دوماً فخامة الرئيس عبدالله صالح رئيس الجمهورية انطلاقا من نظرته الثاقبة بأن جيل الثورة والوحدة هو الذي سيحمل مشاعل الغد الأفضل , ونحن جميعا في كافة ميادين العمل الوطني معنيون بغرس مفاهيم الولاء والانتماء للوطن في نفوس وعقول أبنائنا الذين يمثلون جيل المستقبل .
وأخيرا يمكن القول أن التربية الوطنية مسئولية تضامنية بين كافة فئات وشرائح المجتمع من الأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام المختلفة, فهي جزء من مهمة ورسالة عظيمة لا تكتمل عناصرها إلا بتعاون وتضافر الجهود في مختلف القطاعات بهدف تعزيز وتنمية ارتباط المواطن ومشاركته الإيجابية في تنمية المجتمع وبناء الوطن الذي لا يقبل بوجود التخلف النفسي أو الذهني في نفوس أبنائه.
ج
دور الدولة والمجتمع في مواجهه العنف:
أمام محاولات هدم الدولة المصرية من جانب المتربصين بها ومن بعض الجماعات الإرهابية المارقة أصبح لزاما على المجتمع أن يتحمل مسئولياته فى مواجهة هذه المحاولات البائسة،
حيث يجب ألا تترك الدولة وحدها تخوض هذه المعركة المصيرية دون أن يكون هناك دور فاعل للمجتمع بجميع مؤسساته وكل فئاته وطوائفه وشبابه وشيوخه ورجاله ونسائه، وذلك لأن ظاهرة العنف والإرهاب لن يقتصر ضررها على الدولة وحدها، وإنما سيكتوى بنارها الجميع، ولن يكون من مصلحة أحد التخلى عن هذه المسئولية فى هذا التوقيت، خاصة أن الدولة قد بدأت معركة بقاء الدولة المدنية الحديثة، ويجب أن يكون الشعب معها يدا بيد لإنجاز هذه المهمة العظيمة والسامية.
الأسرة يقع على كاهلها جانب كبير من المسئولية فى تربية النشء على نبذ العنف والإرهاب وتوعيتهم، وما أحوج البلاد فى هذه الأيام إلى دورها فى تعريف الشباب بخطورة السلوكيات العنيفة، سواء فى حياتنا العامة أو فى الملاعب الرياضية التى تكاد تخلو من روادها وجماهيرها، خاصة ملاعب كرة القدم التى كانت تعج بآلاف المشاهدين وأصبحت الآن خاوية على عروشها بفعل هذه السلوكيات، وتنتظر أن يعود إليها عشاقها، وذلك لن يكون إلا بتضافر جهود الدولة مع المجتمع لتستعيد ملاعبنا رونقها وحيويتها المفقودة.
المدرسة أيضا عليها أن تعى دورها فى مواجهة هذه الظاهرة، من خلال تعليم تلاميذها مبادئ السلوك القويم وتقديم المناهج التى لا تحض على العنف أو التفرقة حسب الدين أو اللون أو الجنس، وإنما تغرس فيهم قيم المحبة والمساواة والتسامح بين الجميع والبعد عن الفكر المنحرف وتعلمهم احترام الآخرين، وما إلى ذلك من القيم النبيلة، الأمر الذى سيسهم فى بناء مجتمع قوى متماسك قادر على مواجهة التحديات وتحصين أفراده من الوقوع فى شراك جماعات العنف والإرهاب.
المسجد والكنيسة يقع عليهما دور كبير فى مواجهة الفكر المتطرف والسلوكيات المنحرفة، وذلك من خلال تقديم خطاب دينى ينشر صحيح الدين ويحض على التسامح والمحبة ويبتعد عن الغلو والتطرف وينهى عنهما ويبين المقاصد السامية للأديان فى تكريم بنى الإنسان وحفظ دمائهم وحياتهم وأعراضهم.
تعليقات
إرسال تعليق