القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث عن التسامح وأثره على الفرد والمجتمع

بحث عن التسامح وأثره على الفرد والمجتمع

مقدمة : التسامح من الأخلاق الحميدة التي تُضفي على صاحبها الكثير من الهيبة ، فالشخص المتسامح يكون محبوباً من جميع الناس لأنه يتجاوز عن الأخطاء والزلات ولا يحمل في قلبه أية بغضاء أو ضغينة أو حقد، وإنما يتعامل مع غيره بمبدأ حسن الظن والطيبة الكبيرة، فالشخص المتسامح يعتبر من الأشخاص الأقوياء الذين يملكون قلوب غيرهم بالحب وغفران الزلات، ولهذا يترك التسامح أثراً طيباً على الفرد والمجتمع. يستطيع الشخص المتسامح أن يدخل إلى قلوب الناس ، بعكس الشخص الذي يحقد ويكتم كل أسباب الكره في قلبه ويراكم المواقف فوق بعضها البعض، فالشخص المتسامح يعطي للشخص الذي يتعامل معه شعوراً كبيراً بالارتياح ويُشعره بأن كل شيء سيكون أفضل عندما يتعامل الشخص مع الآخرين بروح المتسامح.

تعريف التسامح وبيان مظاهره :
يعرّف التسامح في اللغة بأنّه التساهل والحلم والعفو، ومن ذلك التسامح الديني الذي يطلق على احترام عقائد الآخرين،
أمّا التسامح في الاصطلاح فهو القيام والبذل بما لا يجب على العبد تفضلاً منه، وذلك ما تميّزت به رسالة الإسلام، ومن ذلك اللين والسهولة واللطف، والكرم والعطاء، والجود، والعدل، ورفع الحرج، التسامح تمثّل في العديد من تعاليم الإسلام، وفيما يأتي بيان بعضها: التسامح في العبادات ومن مظاهر ذلك التيمم لمن أراد الصلاة، إن كان مريضاً مرضاً يمنعه من استعمال الماء، أو يؤدي إلى عدم الامتثال بالشفاء بسرعةٍ، وكذلك يشرع التيمم للمسافر السالك طريق الصحراء، أو الطرقات العامة، وكان متعذراً عليه استعمال الماء، سواءً إن كان السبب فقدان الماء، أو تعذّر استعماله، بسبب المشقة المتعلقة بالسفر، والتيمم في الحالات السابقة متعلّقٌ بالطهارة من الحدث الأصغر، أو الحدث الأكبر، حيث إنّ التيمم مشروعٌ في حالة السفر، أو المرض، أو تعذّر استعمال الماء، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا)، ومن مظاهر التسامح في العبادات، ترخيص الفطر في نهار رمضان للمسافر، وكذلك للمريض، كما أنّه يوجد العديد من المظاهر التي تدل على يسر الشريعة، وتسامحها في العبادات.

كيفية تعليم التسامح
يمكن للإنسان أن يتعلم معنى هذه القيمة العظيمة، ويكتسب مهاراتها، وأن يعلمها أيضاً لمن حوله وخاصة الأطفال، فالأطفال يمكن أن يكتسبون الكثير من خلال مراقبتهم للأهل عندَ تعرضهم للمواقف المختلفة، مثل تصرّف الآباء مع الغير واحترامهم لهم، ويمكن للأهل تعليم أبنائهم التسامح من خلال ما يلي:
انتباه الأهل لتصرفاتهم،
والانتباه إلى أنَّ الأطفال يستمعون دائماً،
ويفرّقون طريقة تحدّث الأهل إلى أشخاصٍ مختلفين عنهم.
 عدم إلقاء النكات عن الأشخاص المختلفين، وكسر الصور النمطية التي تدوالت هذه النكات منذ أجيال، وحتى لو كانت من باب المزاح والتسلية؛ لأنها قد تقود الطفل إلى عدم الاحترام والتسامح تجاه الأشخاص الآخرين. الأخذ بعين الاعتبار التأثير القوي لوسائل التواصل الاجتماعيّ، وغيرها من الثقافات المحيطة، والحرص على اختيار الموسيقى، والألعاب، والكتب المناسبة. التعبير عن الرفض وخيبة الأمل من الصور النمطية السيئة التي تمارس ضدَّ الأشخاص المختلفين في الوسائط المختلفة. الحرص على الإجابة على أسئلة الأطفال الخاصة بالتسامح بكل صدقٍ وأمانةٍ
الحرص على تعليم الأطفال احترام الغير، ولكن من دون أن يتحملّوا الإساءة من أحد.
مساعدة الأطفال على الإحساس بالرضا تجاه أنفسهم؛ إذ يعامل الأطفال الذين يشعرون بسوءٍ تجاه أنفسهم يسيئون التصرف مع الآخرين، أمَّا الأطفال الواثقين من أنفسهم، ولديهم قوةٌ في الشخصية أكثر قدرةً على الاحترام والتسامح.
 تشجيع الأطفال على اللعب مع الأطفال المختلفين عنهم، ، من خلال تسجيلهم في مدرسةٍ تحتوي على تنوعٍ عرقيّ.
تعليم الأطفال قيمة مسامحة الآخرين على أخطاء ارتكبوها،
وترسيخ حقهم في التجاوز عن الإساءة.
 استخدام الثواب والعقاب بطريقة صحيحة وخالية من التشدد، لتعليم الطفل أنه يستطيع إصلاح أخطائه والتعلم من تصرفاته المختلفة.
احترام تقاليد وقوانين العائلة، وتعليمها للأولاد، وللأشخاص الآخرين الذي يريدون معرفة الاختلاف الموجود في العائلة.
إفهام الطفل أنَّ الأطفال كلهم متساوين ولا يختلفون في الجوهر حتى لو اختلفوا في الشكل الخارجيّ. توجيه الطفل إلى ملاحظة مميزات الأطفال الآخرين، مثل أنَّ ذلك الطفل جيّدٌ في القراءة مثلك، أو أنه يحب لعب الكرة مثلك حتى ينتبه أنّه لا يختلف كثيراً عنه ويشاركه الاهتمامات نفسها. عدم إجبار الطفل على مصاحبة أو مصادقة غير من الأطفال الذين قد يبدونَ مختلفين في المظهر، مع ذلك الاستمرار في التشجيع والتذكير أن يتعاملوا بلطفٍ معهم، ومساعدتهم في الشعور بالراحة والثقة حتى يتفاعلوا مع غيرهم من الأطفال. التوقّف عن الكره وتقديم الحب للأطفال.

أهمية التسامح
أهميته للقلب
للتسامح أهمية كبيرة لسلامة القلب، فالإنسان المتسامح دائمًا ما تكون صحته النفسية أفضل وقدرته على مواجهة الحياة أعلى من الآخرين، لأنه لا يحمل بقلبه سوءًا لأحد ويتخلص سريعًا من الأفكار والمشاعر السلبية، بما يوفر جهده وطاقته لأداء ما ينفعه.

المتسامح محبوب
ان الانسان المتسامح دائمًا ما يكون محبوبًا لدى الآخرين، كما يقدره الجميع ويقتربون منه، ويشعرون بالطمأنينة في وجوده، نظرًا لأن دائمًا ما يكون الشخص المتسامح أمينًا في نفس الوقت.

المتسامح قدوة للآخرين
دائمًا ما يعطي المتسامح فرصة للآخرين ليكونوا أفضل، فبتغاضيه عن الأخطاء يعطيهم فرصة لتدارك أخطائهم وتصليحها، بما يجعلهم يمتنون له، ويريدون التشبه به.

المتسامح واثق من نفسه
المتسامح لديه ثقة كبيرة بالنفس، لذلك فهو يترفع عن صغائر الأمور، ولا ينشغل كثيرًا بها، خاصة حين يقترن عفوه وتسامحه بقدرته على أخذ الحق، وهنا فرق كبير بين التسامح والضعف، فالمتسامح لابد وأن يكون قادرًا على نيل حقه وإلا يسمى ذلك ضعفًا.

الوقاية من الأمراض
تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص المتسامحين يعيشون أطول من غيرهم، كما يتمتعون بصحة أفضل وجهاز مناعي قوي، ويقيهم التسامح من مشكلات ارتفاع ضغط الدم وسرعة التنفس وزيادة معدل ضربات القلب.

التسامح في الإسلام
التسامح في القرآن الكريم

التسامح من اهم التعاليم التى حثنا عليها الإسلام، ومن اهم الدعائم التي بني عليها وساعدت في انتشاره، فالناس يدخلون في الإسلام اعجابًا بتسامح أهله ورحمتهم فهم يعفوا ويصفحوا عن الكثير كما أمرهم الله عز وجل، وكما جاء في قرآنه الكريم “وإذا جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله، إنه هو السميع العليم”.

وقد حثنا القرآن الكريم إلى التسامح، وليس إلى التسامح فقط، بل إلى مقابلة السيئة بالحسنة فيقول الله عز وجل “ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم”.

ولقد وضع الله سبحانه وتعالى ثلاثة قواعد في آية قصيرة ولكنها عظيمة المعنى، حين قال “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين”.

تعددت الآيات التي تحث على التسامح والعفو والتي لا يمكننا حصرها جميعًا نظرًا لكثرتها، ولكن لا ينبغي أن نغفل تلك الآية العظيمة التي لم يقتصر المعنى فيها عن التسامح فقط بل فاض فيها معناها فيقول الله “قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين”؛
وهو قول سيدنا يوسف لإخوته حين عفا عنهم؛ وفيها اكتمل المعنى بالتسامح التام بل فاض المعنى حتى أنه لم يعبر عن ذكر ذنبهم السابق، بل إنه دعا لهم فوق ذلك بالرحمة والمغفرة.
التسامح مع غير المسلمين
–التسامح في الإسلام لم يقتصر فقط على تسامح المسلمين مع بعضهم البعض، بل اشتمل على التسامح مع غير المسلمين ايضًا، وفي تعامل الرسول مع المشركين خير مثال على ذلك؛ ففي رحلة الرسول إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام وكانت تلك أصعب الأيام عليه بعد غزوة أحد، وقد لاقى من قومها ما لاقى من الأذى؛ فجاء إليه جبريل يستظله بسحابة فوق رأسه وقال له:

“يا محمد ان الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، ان شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟”

فقال له رسول الله:

“بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا”.

– وفي فتح مكة حين دخل الرسول وقومه منتصرين، وتسلم مفاتيح الكعبة؛ ووقف أمامه المشركون منتظرين ماذا سيفعل بهم الرسول؟ وكيف سينتقهم منهم؟ وكيف سيجازيهم بسوء ما فعلوا به وبالمسلمين؟، فإذا برسول الله يقول لهم “يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟”، فقالوا “أخٌ كريم، وابن أخٍ كريم”، وهنا قال الرسول “إني أقول لكم ما قال يوسف لإخوته [لا تثريب عليكم اليوم]، اذهبوا فأنتم الطلقاء”.



تعليقات