القائمة الرئيسية

الصفحات

التنمر المدرسي



1 - تعريف ظاهرة التنمر المدرسي
تعددت تعريفات ظاهرة التنمر بتعدد الثقافات و الأنظمة التعليمية ، و سنحاول فيما يلي سرد بعض التعريفات التي أحاطت بأبعاد الظاهرة ومكوناتها.

2- أبعاد الظاهرة
ترجع الدراسات أسباب ظهور التنّمر في المدارس إلى التغيّرات التي حدثت في المجتمعات الإنسانية ، و المرتبطة أساسا بظهور العنف و التمييز بكل أنواعه ، واختلال العلاقات الأسرية في المجتمع ، وتأثير الاعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية ، وكثرة المهاجرين الفقراء الذين يسكنون الأحياء الفقيرة وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة المتُنمّرين على ضبط سلوكاتهم . و عموما يمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة التنمر في النقط التالية :

أ- الأسباب السيكوسيولوجية
في كثير من الأحيان ، ينحدر المتنمرون من الأوساط الفقيرة و من العائلات التي تعيش في المناطق المحرومة ، أو ما يسمى أحزمة الفقر ، و تعاني من مشاكل اقتصادية ، في ظل وضع سوسيولوجي يتسم باتساع الهوة و الفوارق بين الطبقات الاجتماعية . و من الناحية السيكولوجية عادةً ما يكون المتنمرون ، و خصوصا القادة منهم ، ذوي شخصيات قوية و من الشخصيات السيكوباثية psychopath المضادة للمجتمع ، و تكمن خطورة هذا النوع في إمكانية تحوله خارج المدرسة إلى مشروع مجرم يهدد استقرار المجتمع ، حيث غالبا ما يؤسس المتنمرون عصابات إجرامية أو ينضمون إلى عصابات إجرامية قائمة . إلى جانب ما ذكر ، يمكن أن يلجأ الطفل إلى العنف نتيجة مرضه واضطراباته السلوكية التي تحتاج إلى علاج وتدخّل من أشخاص مهنيين، مثل الأطباء النفسيين المختصين في الطب النفسي للأطفال أو الاختصاصيين النفسيين أو المرشدين في المدارس . فأحياناً تعود أسباب التنمر إلى اضطرابات نفسية قد تحتاج إلى علاج دوائي وهذا بالطبع يكون بعد أن يتم الكشف من قِبل طبيب نفسي ومن الأهمية أن يكون هذا الطبيب مختصاً في الطب النفسي للأطفال .

ب – الأسباب الأسرية
تميل الأسر في المجتمعات المعاصرة إلى تلبية الاحتياجات المادية للأبناء من مسكن وملبس ومأكل و تعليم جيد و ترفيه ، مقابل إهمال الدور الأهم الواجب عليهم بالنسبة للطفل أو الشاب ، ألا و هو المتابعة التربوية وتقويم السلوك وتعديل الصفات السيئة و التربية الحسنة . و قد يحدث هذا نتيجة انشغال الأب أو الأم أو هما معا عن تربية أبنائهما و متابعتهم ، مع إلقاء المسؤولية على غيرهم من المدرسين أو المربيات في البيوت . و إلى جانب الإهمال ، يعتبر العنف الأسري من أهم أسباب التنمر ، فالطفل الذي ينشأ في جو أسري يطبعه العنف سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء أو الخدم ، لابد أن يتأثر بما شاهده أو ما مورس عليه . وهكذا فإن الطفل الذي يتعرض للعنف في الأسرة ، يميل إلى ممارسة العنف والتنمّر على الطلبة الأضعف في المدرسة . كذلك الحماية الزائدة عن الحد تعيق نضج الأطفال وقد تظهر لديهم أنواع من الفوبيا كفوبيا المدرسة والأماكن المفتوحة لاعتمادهم الدائم على الوالدين ، فالحماية الأبوية الزائدة تقلل من شأن الطفل وتضعف من ثقته بنفسه وتشعره بعدم الكفاءة .

ج- الأسباب المرتبطة بالحياة المدرسية
ارتقى العنف في المدارس المعاصرة إلى مستويات غير مسبوقة ، وصلت حد الاعتداء اللفظي و الجسدي على المدرسين من طرف الطلاب و أولياء أمورهم ، حيث اندثرت حدود الاحترام الواجب بين الطالب ومعلمه ، مما أدى إلى تراجع هيبة المعلمين و تأثيرهم على الطلاب ، الأمر الذي شجع بعضهم على التسلط و التنمر على البعض الآخر ، تماما كما يقع في المجتمعات عندما تتراجع هيبة الدولة و المؤسسات . إلى جانب ذلك يمكن أن يؤدي التدريس بالطرق التقليدية التي تعتمد مركزية المدرس كمصدر وحيد للمعرفة و كمالك للسلطة المطلقة داخل الفصل ، إلى دفع هذا الأخير إلى اعتماد العنف و الإقصاء كمنهج لحل المشكلات داخل الفصل ، مما يخلق بيئة مناسبة لنمو ظاهرة التنمر . هذا بالإضافة إلى غياب الأنشطة الموازية داخل المدارس ، و اختزال الحياة المدرسية في الأنشطة الرسمية التي تمارس داخل الفصل في إطار تنزيل البرامج الدراسية .

الأدوار في التنمر المدرسي
الضحية: الطالب الذي يتعرض للتنمر مرارًا, ويندرج تحت هذا السلوك الأفعال التالية: الضرب أو تمزيق الملابس أو الشتائم أو تدمير المتعلقات أو التعليق سلبًا عبر شبكة الإنترنت.

المتنمر: هو الشخص الذي يبدأ أعمال التنمر وربما يشجع آخرين على ممارستها أيضًا.

مؤيدو المتنمر: لا يبادروا بأعمال التنمر بأنفسهم ولكن قد يشاركوا فيها, ويمكن أن يكونوا بمثابة جمهور للمتنمر يشجعونه ويضحكون على أفعاله, وقد يشجع المؤيد المتنمر فقط من خلال الوقوف لمشاهدة أعمال التنمر وعدم القيام بأي شيء لإيقافها.

المدافع: هو الذي يقف بجانب الضحية ويخبر البالغين عن أعمال التنمر ويحاول إيقافها.



المتفرّج: وهو الدَّخيل الذي يبتعد عندما تبدأ أعمال التنمر ولا يخبر البالغين عنها أو يحاول دعم الضحية, وبالتالي يدعم المتفرّج أعمال التنمر عن غير قصد.

في حالة الشك أن طفلك يتعرض لأعمال التنمر

قد يشكل الأمر مفاجأة لكثير من الآباء بعد معرفتهم بأن أبنائهم يتم الإساءة إليهم بالفعل منذ فترات زمنية طويلة, ويعد التحدث عن التنمر المدرسي أمرًا بالغ الصعوبة بالنسبة للأطفال, حتى مع إقامة هؤلاء الآباء لعلاقات جيدة مع أطفالهم والتي تسمح لهم بالحديث عن مشاعرهم السيئة.



وقد يخفي الأطفال تعرضهم للتنمر للأسباب التالية، من بين أسباب أخرى:

· الخوف من زيادة أعمال التنمر نتيجة لسردها والخوض فيها.

· الخوف من عدم تصديقهم وعدم أخذ كلامهم على محمل الجد.

· الخوف من أن يبدأ الأشخاص بالبحث عن أسباب حدوث أعمال التنمر من خلالهم.

· الشعور بالخجل والدونية نتيجة لتعرضهم لأعمال التنمر.

قد يُشتبه في تعرض الطفل لأعمال التنمر في الحالات التالية، من بين حالات أخرى:



تعرض الطفل لآلام المعدة غير المبررة والصداع وغيرها, وهي ما تسمى بالأعراض النفسية أو الأمراض الجسدية التي لا يمكن تفسيرها.

ذهاب الطفل إلى المدرسة في قبل الوقت المعتاد أو قدومه للمنزل بعد الوقت المعتاد, وقد يكون سبب ذلك تجنب الطفل للمتنمرين في طريقه إلى المدرسة ومنها، بحيث يسلك طريقًا مختلفًا.

إصابة الطفل بكدمات غير مبررة أو تمزق ملابسه أو تحطم أدواته المدرسية.

انخفاض مستوى الطفل الدراسي وعدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة.

ظهور علامات الحزن والاكتئاب ومشاكل النوم على الطفل.

ينبغي على الآباء الاهتمام بالطفل في حالة اعترافه, عند سؤاله، بأنه يتعرض لأعمال التنمر أو عند خوضه في الحديث عن التنمر بطرق أخرى, فضلاً عن إخباره أن تعرضه للتنمر ليس خطأه وطمأنته, كما ينبغي عليهم الاستماع إلى الطفل بعناية وطرح بعض من الأسئلة التالية عليه بهدوء، مثل: "ما هي أسماء الذين شاركوا في أعمال التنمر؟", "ماذا قالوا وفعلوا؟"، "هل ساعدك أي شخص؟"، "هل يعلم المعلم عن هذا؟"، "ما هو شعورك الآن؟", علاوة على إخبار الطفل بما ينوون القيام به وكيفية إيقاف أعمال التنمر من وجهة نظرهم.



بعض إمكانيات التدخل:
اتصلي بمدرس الطالب أو مدير المدرسة واطلبي منه التنسيق لعقد اجتماع يحضره كل منهما أو كلاهما بالإضافة إلى المتنمرين ووالديهم، هذا وينبغي أن تناقشي الموضوع أولاً مع المدرس أو مدير المدرسة وربما والدي الطلاب الذين يسيئون معاملة طفلك، وخلال الاجتماع ينبغي أن تظهري الآثار السلبية لهذه المعاملة على طفلك، ولا يتوقف الأمر على هذا الحد، فاحرصي أيضًا على التواصل مع والدي المتنمرين مستقبلاً، وإذا لم يتعامل الوالدان مع هذا الأمر بجدية يمكنك وقت إذن أن تسعي إلى الحصول على دعم من المدرسين والأخصائي الاجتماعي داخل المدرسة وصولاً إلى مدير المدرسة.

أما في حال وصلت الأمور إلى أبعد من ذلك كأن تصل الإساءة إلى عنف أو تهديدات جسدية عليكِ الاتصال بالشرطة، كما ينبغي مراعاة أن المواد الازدرائية المنشورة عبر الإنترنت قد تؤدي إلى تشويه الشخصية عن طريق توجيه الاتهامات ضد المعاملة السيئة أو تدخل سلطات الرعاية الصحية إذا لم يتجاوز عمر المتنمرين 15 عامًا.

في حال عدم تعامل المدرسة مع هذه الأمور بشكل حازم أو لم تتوقف المعاملة السيئة نتيجة لأسباب أخرى، فإن الضحية لا يجد حلاً سوى ترك المدرسة والانتقال إلى أخرى، وقد تبنت العديد من الأسر هذا الحل الأخير على الرغم من استمرار المعاملة السيئة في بعض الأحيان في المدرسة الجديدة، ويرجى العلم إلى أن كل مدرسة تتعامل مع هذا الأمر بطريقة مختلفة ويحتمل أن تختلف وتيرة التعامل مع هذا السلوك من مدرسة إلى أخرى.

فمن المهم أيضًا أن تجدي البيئات التي يشعر فيها الطفل بالاستحسان والسعادة مستقبلاً وذلك قبل السعي إلى إيقاف هذه المعاملة، ومن أمثلة هذه البيئات ممارسة الهوايات أو اللعب في الحدائق المنزلية الخاصة بهم مع أطفال من نفس العمر، ولا يقتصر الأمر على الأشخاص فقط، فقد تعمل الحيوانات الأليفة على إكساب الطفل المتنمر المزيد من الشعور بالاهتمام والاستحسان اللازم.

تعليقات